دور القانون الجنائي الدولي في إنفاذ القانون الدولي الإنساني

المؤلفون

  • أحمد كيلان عبد الله, أ.د. كلية الحقوق / جامعة تكريت

DOI:

https://doi.org/10.35246/jols.v31is.99

الكلمات المفتاحية:

القانون الجنائي الدولي، القانون الدولي الانساني

الملخص

أدى تطور ظاهرة الجريمة من الناحية الكمية والكيفية إلى أن تتحول هذه الظاهرة من النطاق أو المستوى الفردي إلى المستوى الدولي .. إذ أضحى مصطلح (المجني عليه) يطلق على شريحة واسعة من الأفراد تتجاوز أعدادهم الآلاف والملايين أحياناً .. ومن استعمال الوسائل البدائية البسيطة في القتل إل أحدث الأسلحة الفتاكة .. وهكذا ظهرت الجرائم الدولية المرتكبة ضد أمن وسلامة البشرية وتعددت أصنافها فكانت جرائم الإبادة وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

وإذا سلمنا بأن القضاء على الجريمة بشكل نهائي وقطعي يعد ضرباً من ضروب الخيال .. فإن جهود المتجمع الدولي ستنصرف بالضرورة لتحول دون ارتكاب الجرائم والانتهاكات الخطيرة أو الحد من آثارها.

ولما كان وجود جهاز قضائي يتولى مهام الفصل في النزاعات ذات الطابع الدولي من بين الوسائل فاعلية في تفعيل القواعد القانونية الدولية المنظمة للقتال وبث روح الامتثال لها والالتزام بها حيث تتوافر السلطة التي تتولى مهمة الزجر والعقاب في أحوال الخروج عن دائرة التطبيق القانوني لهذه القواعد.

من أجل ذلك سعت المجموعة الدولية إلى إرساء قواعد القانون الجنائي الدولية وتطوير الجانب المؤسساتي للعدالة الجنائية الدولية من خلال إنشاء أجهزة تتولى إثبات الفعل الإجرامي ومتابعة المسؤولين عن انتهاك قواعد الحماية.

يشير مصطلح القانون الدولي الإنساني إلى ((مجموعة القواعد الدولية الخاصة بمعاملة ضحايا الحرب والنزاعات المسلحة والتي جرى تقنينها في بداية القرن العشرين في لاهاي عام (1907) وفي اتفاقيات جنيف الأربع لحماية ضحايا المنازعات في عام (1949) وفي البروتوكولين الإضافيين إلى هذه الاتفاقيات واللذين تم إقرارهما عام (1977)([1]).

فالقانون الدولي الإنساني فرع من فروع القانون الدولي العام تهدف قواعده العرفية والمكتوبة إلى حماية الاشخاص المتضررين في حالة نزاع مسلح وبما أنجز من ذلك النزاع من الآلام كما تهدف إلى حماية الأموال (الأعيان) التي لها علاقة مباشرة بالعمليات العسكرية([2]). يستبان من التعاريف أعلاه بأن هذا القانون يستوحي الشعور الإنساني ويركز على حماية الفرد الإنساني في حالة الحرب.

لقد أدرك المجتمع الدولي إلى ضرورة تطبيق مبدأ المساءلة الجنائية عن الانتهاكات الجسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني في إطار توفير الآلية القمعية في حال انتهاك تلك القواعد القانونية التي تكفل حماية قطاع كبير من الإنسانية.

ومن أجل أن تؤتي آليات الحماية أفضل ثمارها فلابد أن تمارس على المستويين الوطني والدولي .. ولذلك كرسنا المبحث الأول لدور القضاء الجنائي الوطني في تنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني أما المبحث الثاني فنتناولنا فيه مبدا الولاية العالمية ودوره في العدالة الدولية أما المبحث الثالث سنبحث فيه ذاتية النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ودورها في انفاذ قواعد القانون الدولي الإنساني.

وتوصلنا الى النتائج والمقترحات الاتية:

بعد أن استعرضنا المواضيع والاتجاهات الرئيسية لدور القضاء الجنائي في تنفيذ القانون الدولي الإنساني .. استبان لنا الدور الفعال للقضاء الجنائي في إطار المحاكم الوطنية أو الدولية في إيجاد ضمانات لتنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني والوقوف ضد انتهاكات قواعده التي لا تعرف بين المقاتلين وغير المقاتلين.

فالعدالة الجنائية أسهمت بدور فعّال في محاكمة مجلامي الحرب .. ومنتهكي قواعد القانون الدولي الإنساني .. وعلى الرغم مما أفرزته العوامل السياسية المتمثلة بالهيمنة التي تمارسها بعض الدول على هذه الآليات والتي جعلت الشرعية الدولية أدوات لتحقيق مصالحها .. إلا أن وجود القضاء الجنائي كحالة ردعية لتأكيد وتدعيم وتنفيذ القانون الدولي الإنساني يمثل حلقة مهمة في تنفيذ قواعد القانون الدولي الإنساني في ظل عدم وجود تفعيل لتنفيذ قواعد هذا القانون من الناحية الواقعية .. فنصوص اتفاقيات  جنيف لعام (1949) وبروتوكوليها الإضافيين، والتي تمثل حد ذروة ما توصل إليه المجتمع الدولي من اهتمام بحقوق الإنسان وحمايته أثناء النزاعات المسلحة الدولية وغير الدولية، بقيت مشوبة بنقص إمكانية حزمها بسبب افتقار هذه القواعد للوسائل الفعالى التي تلزم الدول على احترام معاهداتها. أمرٌ تداركت العدالة الجنائية بسد النقص بتفعيل هذه الحماية واقعاً وتوقيع الجزاءات القانونية على منتهكيها.

1- تبني مبدأ الاختصاص العالمي في جميع الأنظمة القانونية الوطنية الحالية وغير فعالة في مواجهة منتهكي قواعد القانون الدولي الإنساني.

2- تفعيل دور المحكمة الجنائية الدولية بشكل أكثر فاعلية كونها الهيئة القضائية الرئيسية الموكول إليها كفالة تفعيل تنفيذ القانون الدولي الإنساني من خلال :

أ- أن تكون للمحكمة الشخصية الدولية أزاء جميع الدول الأطراف وغير الأطراف في نظام روما استناداً إلى الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية (... وفقاً للقانون الدولي كان لخمسين دولة تمثل الأغلبية العظمى لأعضاء المجتمع الدولي وفقاً للقانون الدولي الأهلية لتأسيس كيان له شخصية دولية موضوعية وليس مجرد شخصية تعترف بها تلك الدول دون غيرها. الأمر الذي سيحول دون إفلات الكثير من المجرمين من رعايا الدول الغير الأعضاء في نظام روما.

ب- أن يتم التوصل إلى تعريف للعدوان .. كون الجرائم التي تنضوي تحت طائلة الأخير تمثل انتهاكات حقيقية لقواعد القانون الدولي الإنساني.

جـ- أن يتبنى النظام الأساسي الجرائم التي وقعت قبل نفاذه بالرغم من أن ذلك يعد مخالفة لمبدأ عدم رجعية القوانين الجزائية .. وذلك للحيلولة دون إفلات اكثير من العقاب .. بعد ارتكابهم انتهاكات لقواعد القانون الدولي الإنساني ذات خطورة تمس أمن المجتمع الدولي بأسره.

3- واخيراً تجدر الاشارة الى قانون (العدالة ضد رعاة الارهاب/ جاستا) (Justice against sponsers of terriorism)  والذي اقرته السلطة التشريعية الامريكية حديثاً والذي يمنح الولاية القضائية للمحاكم الامريكية للنظر في قضايا تتعلق بمطالبات تعويضية ضد اي دولة اجنبية يرتبط احد حاملي جنسيتها بعمل ارهابي، ولعل مفهوم الارهاب يحمل في طياته تلك المخالفات الجسيمة للقانون الدولي الانساني، مما يؤشر تطوراً مهماً في مجال مسؤولية الدولة عن رعاياها فتقرر مسؤوليتها عند ارتكابهم عملا ارهابياً او من خلال تقديم المساعدة او عرض ذلك او يشرع في ارتكاب اي عمل من اعمال الارهاب الدولي ضد اي مواطن امريكي، وعلى الرغم من الجوانب المثيرة للجدل في هذا القانون الذ قفز على مضامين اتفافية الولايات المتحدة مع الامم المتحدة لحصانات الدولوممتلكاتها من الولاية القضائية في عام 2004، الا انه يمثل طفرة نوعية في مجال اقرار المسؤولية التعويضية عن خرق قواعد القانون الدولي الانساني الامر الذي يعكس تعاظم الذي تفرضه قواعد المسؤولية بشكل عام واحتمالية ترتيب المسؤولية الجنائية مستقبلاً، باعتبار ان المسؤولية المدنية تفتح افاقاً رحبة لترتيب المسؤولية الجنائية في حال توافر القصد الجنائي مادام الضرر قد ترتب بصورة السلوك الجرمي.

 

([1]) د. محمد يوسف علوان، القانون الدولي العام (المقدمة، المصادر)، دار وائل للطباعة والنشر، الطبعة الثانية، 2000، ص74.

([2]) د. عامر الزمالي، مدخل إلى القانون الدولي والإنساني، المعهد العربي لحقوق الإنسان، ط1، تونس، 1997، ص12.

التنزيلات

تنزيل البيانات ليس متاحًا بعد.

المراجع

1. أحمد سيف الدين، الاتجاهات الحديثة للقضاء الدولي الجزائي، قدم له الدكتور محمد المجذوب، منشورات الحلبي الحقوقية، بيروت – لبنان، ط1، 2015.
2. أمحمدي بو زينة أمنة، آليات تنفيذ القانون الدولي الإنساني، دار الجامعة الجديدة، الاسكندرية، 2014.
3. سعدة سعيد امتوبل، نطاق اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، دار المطبوعات الجامعية، الاسكندرية، 2011.
4. عامر الزمالي، مدخل إلى القانون الدولي والإنساني، المعهد العربي لحقوق الإنسان، ط1، تونس، 1997.
5. عبد الواحد محمد الغار، الجرائم الدولية وسلطة العقاب عليها، دار النهضة العربية، ط2، القاهرة، 2007.
6. عز الدين عبد الله، القانون الدولي الخاص المصري (ج1) في الجنسية والموطن وتمتع الأجانب بالحقوق، مركز الأجانب، جامعة القاهرة، ط3، 1954.
7. محمد يوسف علوان، القانون الدولي العام (المقدمة، المصادر)، دار وائل للطباعة والنشر، الطبعة الثانية، 2000.
8. محمود محمود مصطفى، شرح قانون العقوبات، القسم العام، مطبعة جامعة القاهرة، ط9، 1974.
9. محمود نجيب حسني، شروح قانون العقوبات، القسم العام، ط5، دار النهضة العربية، 1982.
10. وردة الطيب، مقتضيات العدالة أمام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، ط1، 2015.
11. يوسف حسن يوسف، المحكمة الدولية، المركز القومي للإصدارات، القاهرة، ط1، 2011.
الوثائق والاتفاقيات :
- اتفاقيات جنيف الأربعة لعام 1949 وبرتوكوليها الإضافيين لعام 1977.

المواقع الألكترونية :
1. رابية نادية، مبدأ الاختصاص العالمي في تشريعات الدول، رسالة ماجستير في قانون التعاون الدولي، جامعة مولود معمري – تيزي روز، كلية الحقوق، 2011، متاحة على الموقع الإلكتروني : These < plf < IMOC www. Ummto. Dz.
2. مهند ناصر عيسى بن صليهم، مبدأ العينة وأثره في مكافحة الجرائم العابرة للحدود الدولية، دارسة مقارنة، الرياض، 2009، متاحة على الموقع الإلكتروني : < handle < repository hauss. Edu. sa

التنزيلات

منشور

02-03-2017

كيفية الاقتباس

عبد الله أحمد كيلان. 2017. "دور القانون الجنائي الدولي في إنفاذ القانون الدولي الإنساني". مجلة العلوم القانونية 31 (4): 1 _ 27. https://doi.org/10.35246/jols.v31is.99.

المؤلفات المشابهة

1-10 من 496

يمكنك أيضاً إبدأ بحثاً متقدماً عن المشابهات لهذا المؤلَّف.